responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 633
بِخَلْقِ اللَّهِ وَإِيجَادِهِ وَإِبْدَاعِهِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُضَافَ إِلَى إِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَ: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [النَّحْلِ: 40] . وَرَابِعُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْإِذْنِ الْأَمْرَ وَهَذَا الْوَجْهُ لَا يَلِيقُ إِلَّا بِأَنْ يُفَسَّرَ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ بِأَنْ يَصِيرَ كَافِرًا وَالْكُفْرُ يَقْتَضِي التَّفْرِيقَ، فَإِنَّ هَذَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى.
/ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إِنَّمَا ذَكَرَ لَفْظَ الشِّرَاءِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ لِوُجُوهٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُمْ لَمَّا نَبَذُوا كِتَابَ اللَّهِ وراء ظهورهم وأقبلوا على التمسك بما تتلوا الشَّيَاطِينُ فَكَأَنَّهُمْ قَدِ اشْتَرَوْا ذَلِكَ السِّحْرَ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَثَانِيهَا: أَنَّ الْمَلَكَيْنِ إِنَّمَا قَصَدَا بِتَعْلِيمِ السِّحْرِ الِاحْتِرَازَ عَنْهُ لِيَصِلَ بِذَلِكَ الِاحْتِرَازِ إِلَى مَنَافِعِ الْآخِرَةِ فَلَمَّا اسْتَعْمَلَ السِّحْرَ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى بِمَنَافِعِ الْآخِرَةِ مَنَافِعَ الدُّنْيَا. وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ لَمَّا اسْتَعْمَلَ السِّحْرَ عَلِمْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا تَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ الِاسْتِعْمَالِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى بِالْمِحَنِ الَّتِي تَحَمَّلَهَا قُدْرَتَهُ عَلَى ذَلِكَ الِاسْتِعْمَالِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ الْأَكْثَرُونَ: «الْخَلَاقُ» النَّصِيبُ، قَالَ الْقَفَّالُ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ الْكَلِمَةِ مِنَ الْخَلَقِ وَمَعْنَاهُ التَّقْدِيرُ وَمِنْهُ خَلِقَ الْأَدِيمُ، وَمِنْهُ يُقَالُ: قَدَّرَ لِلرَّجُلِ كَذَا دِرْهَمًا رِزْقًا عَلَى عَمَلِ كَذَا. وَقَالَ آخَرُونَ: الْخَلَاقُ الْخَلَاصُ وَمِنْهُ قَوْلُ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ:
يَدْعُونَ بِالْوَيْلِ فِيهَا لأخلاق لَهُمْ ... إِلَّا سَرَابِيلَ قَطْرَانٍ وَأَغْلَالِ
بَقِيَ فِي الْآيَةِ سُؤَالٌ: وَهُوَ أَنَّهُ كَيْفَ أَثْبَتَ لَهُمُ الْعِلْمَ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ: وَلَقَدْ عَلِمُوا ثُمَّ نَفَاهُ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ:
لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ، أَحَدُهَا: أَنَّ الَّذِينَ عَلِمُوا غَيْرَ الَّذِينَ لَمْ يَعْلَمُوا، فَالَّذِينَ عَلِمُوا هُمُ الَّذِينَ عَلِمُوا السِّحْرَ وَدَعَوُا النَّاسَ إِلَى تَعَلُّمِهِ وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِي حَقِّهِمْ: نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ وَأَمَّا الْجُهَّالُ الَّذِينَ يَرْغَبُونَ فِي تَعَلُّمِ السِّحْرِ فَهُمُ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ، وَهَذَا جَوَابُ الْأَخْفَشِ وَقُطْرُبٍ. وَثَانِيهَا: لَوْ سَلَّمْنَا كَوْنَ الْقَوْمِ وَاحِدًا وَلَكِنَّهُمْ عَلِمُوا شَيْئًا وَجَهِلُوا شَيْئًا آخَرَ، عَلِمُوا أَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ خَلَاقٌ وَلَكِنَّهُمْ جَهِلُوا مِقْدَارَ مَا فَاتَهُمْ مِنْ مَنَافِعِ الْآخِرَةِ، وَمَا حَصَلَ لَهُمْ مِنْ مَضَارِّهَا وَعُقُوبَاتِهَا. وَثَالِثُهَا: لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْقَوْمَ وَاحِدٌ وَالْمَعْلُومَ وَاحِدٌ وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِعِلْمِهِمْ بَلْ أَعْرَضُوا عَنْهُ فَصَارَ ذَلِكَ الْعِلْمُ كَالْعَدَمِ كَمَا سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى الْكُفَّارَ: عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا [الإسراء: 97] إِذْ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِهَذِهِ الْحَوَاسِّ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ فِي شَيْءٍ يَفْعَلُهُ لَكِنَّهُ لَا يَضَعُهُ مَوْضِعَهُ: صنعت ولم تصنع.

[سورة البقرة (2) : آية 103]
وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (103)
اعْلَمْ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ إِلَى الْيَهُودِ الَّذِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ، فَإِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ فِيهِمُ الْوَعِيدَ بِقَوْلِهِ: وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ [البقرة: 102] أَتْبَعَهُ بِالْوَعْدِ جَامِعًا بَيْنَ التَّرْهِيبِ وَالتَّرْغِيبِ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا أَدْعَى إِلَى الطَّاعَةِ وَالْعُدُولِ عَنِ الْمَعْصِيَةِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: آمَنُوا فَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ: نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ/ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ [البقرة: 101] ثم وصفهم بأنهم اتبعوا ما تتلوا الشَّيَاطِينُ وَأَنَّهُمْ تَمَسَّكُوا بِالسِّحْرِ. قَالَ مِنْ بَعْدِ:

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 633
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست